أشار بعض الباحثين أن الحواسيب الكمومية التي يتم تطويرها الآن قد يمكنها مستقبلًا كسر تشفير العملات المشفرة مثل البيتكوين، وبالوصول إلى ذلك ستفقد العملات المشفرة قيمتها بسبب سرعة فك التشفير وفقدان سرية البلوكتشين التي تعتمد عليها العملات المشفرة حاليًا.
ويقول مارك ويبر، الباحث في جامعة Sussex أن غالبية العمل الحالي في هذا المجال يركز على نظام أساسي للأجهزة والمكونات فائقة التوصيل مثل الحواسيب الكمومية التي تعمل عليها شركات مثل IBM وجوجل، وستختلف المنصات حسب مواصفات الأجهزة الرئيسية حيث ستختلف في معدل العمليات التي يمكن إجراءها وجودة التحكم في الكيوبتات qubits.
وتعمل أجهزة الحاسوب الكمومية من خلال استبدال البتات التقليدية bits (الأصفار والآحاد) بوحدات البت الكمومية أو التي يطلق عليها اسم الكيوبت، ففي الحواسيب العادية يكون البت إما صفر وإما واحد، أما مع الحواسيب الكمومية يمكن التعامل مع البت كأنها صفر وواحد في نفس الوقت، مما يعني أن كل كيوبت جديدة تضاف إلى الحاسوب يزيد من قوته بشكل أسّي بدلًا من الطريقة الخطية العادية.
من أين يأتي الخطر على العملات الرقمية المشفرة؟
تحتاج الحواسيب الحالية مئات السنين لفك شفرات العملات الرقمية الحالية، لكن مع تطور الحواسيب الكمية ستتمكن بقدرة فائقة على فك تشفير هذه العملات، وبالتالي كسر حاجز السرية التي تعتمد عليها هذه العملات، فضلًا عن زيادة مستوى استهلاك الطاقة عن الطبيعي مما قد يؤثر على موارد دول بأكملها.
ولهذا كان الأمر ضروريًا للبحث في متطلبات الحواسيب الكمومية التي يمكنها اختراق شبكة البيتكوين مستقبلًا وذلك لوضع الحماية اللازمة لذلك أو حلولًا لتجنب الوقوع في مثل هذه المخاطر، ويُطمئن الباحثون جميع مُلاك البيتكوين الحاليين بأن الوصول إلى مثل هذه الحواسيب الكمومية سيستغرق الكثير من السنين والتي قد تصل إلى عقود، لكن البحث قائم على حماية ثروات البيتكوين الكبيرة من التعرض للخطر في المستقبل.
كيف يمكنهم الوصول إلى الحاسوب الكمي القادر على كسر التشفير؟
لتسريع عمل الخوارزمية الكمومية، يمكن إجراء المزيد من العمليات بالتوازي وذلك عن طريق إضافة المزيد من الكيوبتات المادية، ويستمر تقديم الكيوبتات الإضافية حسب الحاجة للوصول إلى وقت التشغيل المطلوب والذي يعتمد بشكل حاسم على معدل العمليات الفعلي على مستوى الأجهزة.
وتعتبر الحواسيب الكمومية الموجودة حاليًا محدودة في عملها وذلك لأن الكيوبتات الموجودة بجانب بعضها البعض هي فقط التي يمكنها التفاعل، لكن في التصميمات الأخرى مستقبلًا سيمكنك تحريك الكيوبتات فعليًا للتفاعل مع الآخرين.
ومن أهم ما يميز الحواسيب الكمومية عن الحواسيب التقليدية في كسر تشفير العملات المشفرة هو استخدامها الاتصالات الآمنة والتي ظهرت لأول مرة في عام 1977 ويعتمد أمن النظام على الصعوبة العملية المتمثلة في تحليل رقمين أوليين كبيرين، وهما أساس المفتاح العام، ولا يمكن فك تشفير رسالة “مغلقة” بمثل هذا المفتاح إلا إذا كان الضحية يعرض الأعداد الأولية.
ومهما كان أمان خوارزمية التوقيع الرقمي الحالي لعملات مثل البيتكوين، فإن هناك احتمالية كبيرة لتعرضها للهجوم في المستقبل، ويقول ويبر أن أجهزة الحاسوب الكمومية الحديثة تستخدم من 50 إلى 100 كيوبت فقط، لكن متطلبات كسر التشفير تحتاج إلى وجود نحو 30 مليون إلى 300 مليون وحدة كيوبت، ما يجعل البيتكوين آمنة لأي هجوم كمّي في الفترة الحالية.